يتصدر فيلم "برّ بحر" للمخرجة الشابة ميسون حمّود، العناوين بالأيام الأخيرة، وبرغم نجاحه الكبير أثار الفيلم موجة من الانتقاد خصوصًا في مدينة أم الفحم ووصلت بالبعض أن هددوا بإيذاء المخرجة والممثلات بحجة أن الفيلم يسيء للمجتمع العربي ولأم الفحم خاصة.

في المقابل، كانت هناك معارضة شديدة للأصوات التي هاجمت الفيلم، تحت التأكيد أن هذا وضع المجتمع العربي سيء أصلًا وهذا الفيلم لا يمثل إلّا الجزء البسيط من الواقع، ولأن للمخرجة كل الحق في حرية التعبير عن رأيها.

مع الفيلم- احداث هذا الفيلم جزء من واقعنا الاليم
مراسل "بـُكرا" رصد أصوات بعض المسؤولين والناشطين، وقالت الناشطة النسوّية وعضوة الشبيبة الشيوعية في أم - سينيال بهاء محاميد: انا لم اشاهد الفيلم بعد، الا انني لا أرى اي مشكله في عرض فلم يحوي اسم مكان بلد معينه، او اخذ دور شخص متدين/رجل دين وتعبر به عن الواقع التي هي تراه حقيقه بالنسبة للمخرجة، ولها الحق في التعبير عما تفكر وعن السلبيات الي تراها منتشرة في مجتمعنا عن طريق الفن بشتى وسائله.

وأضافت: لن ننكر ان احداث هذا الفيلم جزء من واقعنا الاليم، وان انكاره يزيد الامر سوءً، لنحل المشاكل في مجتمعنا، علينا أولاً الاعتراف بها ، ومن ثم البدء بحلها، فأنا لا أرى سوى إنكار هذه المشاكل،(بالذات ان الفيلم يظهر مشهد لرجل متدين يقوم باغتصاب فتاه) ، لا أنكر ان الكثير من المتدينين فعلاً لا يقال لهم سوى انهم "خير وبركه" ، الا ان البعض، ولو بنسبه قليلة، يتكلمون باسم الدين وهم لا يملكون اي نور من هذا الدين الرائع.

وأكدت على أن: في مجتمعنا العرب الكل يتكلم باسم الدين، والدين بريء منهم، واذا نظرنا بصوره موسعه فما نحياهُ في مجتمعنا بسبب الفتن الدينية الخاطئة بسبب سوء الفهم لدى الناس، حسب رايي ،ان على المخرجة تبرير سببها لتكتب عن اسم بلد ام الفحم، لعلّ سوء الفهم يصبح واضحاً للجميع.

مع الفيلم - ضجة ليست في مكانها ولا وقتها

الطالبة الثانوية - عرين غسَّان ابو زينة قالت بحديثها مع موقع بكرا:" انا مع الفيلم ومع عرضه في السينما، لأنّ الفيلم يتطرق لمواضيع المجتمع، التي هي تؤثر علينا كثيرا من ناحية عنف كلامي وأنواع اخرى، انا انفي الانتقادات الفحماوية بعدّة أمور وهي: ينتجون مسلسلات وأفلام في دول عربية وخاصة الخليج ولبنان، والتفتّح بهذه الدول ليس بقدر التفتّح عندنا، ويكون مشاهد اغتصاب واُخرى لأشخاص حاملين مرض الايدز، فهذا لا يعني ان الجميع يعاني من الايدز او الاغتصاب".

واضافت: منطقة شفاعمرو تجسّدت بالفيلم عن طريق ممثلة سحاقية، هذا لا يعني ان كل فتيات شفاعمرو سحاقيّات بالتعميم خاطئ، نحن كمدينة "أصيلة" لم يكن هناك داع لأن تحدث كلّ هذه الضجةّ حول الفيلم في حال كنّا واثقين من انفسنا .

وزادت: في النهاية، انا افتخر لان اسم مدينتي ورد بالفيلم على أنّها اكبر مدينة إسلامية، وعندما عرفت فكرة الفيلم، أصرّيت على افتخاري، لان هذا الامر لا يؤثر بشيء، ام الفحم مثل شفاعمرو ومثل بيروت، الكثير يتفوّهون بتصريحات مثل " أنتم جماعة الحريّات او العلمانية او حتّى الشيوعية"، هذه ليست اجابة اذا نحن نعرف حالنا جيّدا، أتمنى ان يفهم أهل ام الفحم هذا الامر وحقًّا كلّ الاحترام للمخرجة التي استطاعت مواجهة الامر.


ضد الفيلم- تضخيم للظاهرة وكأنها في عمق حياة المجتمع
د.رائد فتحي قال بحديثه مع موقع بكرا: إنّ متابعة الواقع الاجتماعي للمجتمعات والعمل على الرقيّ بها جهدٌ مباركٌ لا ينكره أحد، وإنّ الأصل في الفنّ، حين يكون فنًّا، أن يُسهِم في إصلاح الواقع المجتمعي بالأدوات والأساليب التي يؤمن بها أي مجتمع، لكنّ ما حدث في فيلم (بر و بحر) أنّه ضخّم ظاهرةً حتّى جعلها كما لو انّها في عُمق حياة المجتمع، ثمّ استغلّها لضرب مفعوم التديّن والالتزام، بل وعمد إلى تشويه صورة المجتمع المتديّن وأظهره بصورة بدائيّة قمعيّة. وقدّم المجتمع الليلي الشهوانيّ التل أبيبيّ كبديل، الأمر الذي لا يقبله أي ابٍ عربيّ لابنته بصرف النظر عن دينه، وبما أنّه صدر بيانٌ رسميّ عن بلدية أم الفحم ورئيسها وكذا مجموعة من الحقوقيين الفحماويين، فإنّني أضم صوتي وبقوّة اليهم وأدعو إلى وقف عرض هذا الفيلم، بل وأدعو الجميع إلى مقاطعة هذا الفيلم الذي انزلق منزلقًا بعيدًا وأسهم بتشويه صورة الفتاة العربية عامة والمتديّنة خاصةً.

مع الفيلم: عمل فني وضع الملح على الجرح
الناشط الاجتماعي والسياسي - علاء اغبارية ، قال بحديثه مع موقع بكرا:" الجدل الدائر حول الفيلم يجب ان يكون حضاري وان لا يخرج عن اطار الجدل والنقاش، لكن، كما في كل مرة ننحدر بعواطفنا وآرائنا نحو التعصب والتطرف وهنالك من يركب موجة التحريض والفتنة ليزيد التوتر ويسكب الزيت على النار، فيلم بر وبحر هو عمل فني وضع الملح على الجرح، فمن جهة تعالت صرخات الألم والغضب نتيجة لذكر اسم ام الفحم وما عقبه من احداث الفيلم ومن ناحية أخرى نفض الغبار عن مشكلة او مشاكل أتى الحين لحلها جذريا وعقلانيا، انا مع استمرار عرض الفيلم ليكون محفزا لحل مشاكل مجتمعنا وليس لسفك دمائه واستباحة ابنائه وبناته، وان انتقد فليس انتقاد وانما نصيحة للمخرجة بأمر واحد انها ذكرت اسم بلد، اي بلد وليس ام الفحم بالذات، فأنا مع الحفاظ على حق الفن بالتعبير عن نفسه لكن يجب الحفاظ على حق المجتمع بالحفاظ على نفسه ايضا، ولنذكر القول المأثور " حريتك تنتهي حين تصيب حرية الآخر".

ضد الفيلم:  لا يمثلنا وبعيد كل البعد عن ديننا واخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا
الكاتبة الفحماوية والناشطة الاجتماعية - الين محمد اغبارية، قالت بحديثها مع موقع بكرا: بالبداية نحن مع الفن الهادف النافع لمجتمعنا ونشجعه وندعمه. أما بالنسبة لفيلم بر وبحر هذا لا يمثلنا وبعيد كل البعد عن ديننا واخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا، وأعدّ للمس والنيل من أخلاق طلابنا وطالباتنا في الجامعات، وأوجه كلمة ثم سؤال للمخرجة ميسلون. اولا ام الفحم اكبر من ان تلوثها عقول فاسدة وايدي اثمة، ما المنفعة والهدف من تشويه والمس بأخلاق بناتنا وشبابنا؟ فعلى ما يبدو ان هذا الفيلم ممول جيدا ومدعوم؟!، وهو نوع من الاسلحة والغزو الفكري الذي يواجهه مجتمعنا العربي والمسلم بشكل خاص. واذا وجد غصن واحد عفن لا يعني ان جذور الشجرة فاسدة، بالنهاية الله يحمي بلدي واهل بلدي.

ضد الفيلم: هنالك قضايا تؤرقنا أكثر

نائب رئيس بلديّة ام الفحم - المحامي رائد كسّاب محاميد، قال بدوره: المسرح والفن هما ثورة نحو التغيير للأفضل وتسليط الضوء على معاناة المجتمع من مآسي ومشاكل وتعقيدات وعادات وقيم سيئة يجب حلها . وقد شارك الفنانون عبر العقود والعصور بانتقاد المشاكل التي يعاني منها المجتمع وكان لهم الفضل الاكبر في صنع تغيير مجتمعات الى الافضل والتطور والازدهار، ولهذا فعلى كل خشبة مسرح او اي اداء فني من قبل الفنانين ان يسلط الضوء على مشاكل اجتماعية يعانيها مجتمعنا من اجل احداث ثورة حقيقية بهدف التغيير الافضل من حيث التربية والقيم الخلاقة، بالنسبة للمعلومات التي اطلعت عليه من فلم بر بحر وتسليط الضوء على عدة قضايا تعاني منها قلة قليلة ونسبة محدودة من المجتمع اضف الى الكم الهائل من الانتقاد والسب والتشهير والشتائم التي رافقت الفلم والتي ترتقي ببعضها الى التحريض، فهذا كله يشير الى اننا نعاني من قضايا اكبر مما طرحها هذا الفلم وهي قضايا العنف التي تفتك لنا جميعا بعيدا عن الاخلاق والآداب والنقد البناء، ففي كل فيلم يطرح يجب ان يكون هنالك انتقاد ولكنه يجب ان يكون بناء وتطرح المواضيع بشكل علمي وتناقش ايضا بشكل علمي فلكل منا الحق بالانتقاد ضمن الحدود التي لا تصل الى مرحلة التحريض والعنف، انتقادي الشخصي للفيلم هو وجود العديد من المشاكل الاكثر وضوحا واتساعا وفتكا في مجتمعاتنا مما جاء في الفيلم واخص بالذكر المرأة والتي تعاني الكثير من التمييز والاضطهاد في مجتمعاتنا فيا حبذا لو انه تم التسليط على هذه المرأة العربية التي تكافح وتناضل وتعيش المعاناة اليومية وتشارك في صنع المجتمع رغم كل الصعوبات ".

مع الفيلم: كل محاولة لنزع الشرعية عن الفيلم تخدم اليمين الاسرائيلي العنصري
مدير مركز مساواة - جعفر فرح، قال بحديثه مع موقع بكرا:" محاولة المس بحرية تعبير طاقم انتاج الفيلم مرفوضة خصوصا اننا نعاني من قمع لحرياتنا السياسية والفنية. ندعم بكل قوتنا المبدعين العرب في ظل محاولات ميري ريغيف وجماعات اليمين العنصري استهداف الروايات الفلسطينية ونشجع على مشاهدة الافلام ومناقشتها وكل محاولة لنزع الشرعية عن الفيلم تخدم اليمين الاسرائيلي العنصري وتؤدي بمبدعين فلسطينيين الى ترك الوطن بحثا عن فرص عمل ومنصات تحترم ابداعهم مثل ما حدث مع المخرجين ميشيل خليفي وايلي سليمان وعلا طبري. علينا المطالبة بقاعات عرض افلام ومنصات لمناقشة المضامين وصناديق لدعم السينما المحلية والتوقف عن التجريح، يكفي مبدعينا مثل سهى عراف ومحمد بكري معاناتهم من ملاحقات اليمين العنصري. تحيتنا لطاقم الفيلم ونشجع مناقشة المضامين والاخراج والتمثيل.

مع الفيلم: الشتائم والهجوم على المنتجة والمخرجين لا يفيد بل يسيئ لنا ولمستوانا 
الناشطة السياسية والاجتماعية - امينة شبيطة محاميد، قالت بحديثها مع موقع بكرا:" انا لم أتفاجئ من الهجمة الشرسة على منتجة او مخرجة الفيلم، لما المعارضة ؟ الافلام تعكس الواقع واذا كان بالفلم أي شيء كاذب أو مدسوس فليعترضوا اما اذا فضح الفيلم أمورا سيئة فهي نتيجة أعمال السلطة لام الفحم لسنوات طويلة ولا تنسوا ان الفوج الأول لخريجي الثانوية كان سنة 74 كما تركت الأعداد الكبيرة من الشباب والشابات دون علم عدا عن القلة القليلة من ذوي الإمكانيات الذين بعثوا أولادهم للدراسة خارج البلد، الافلام تنتج وتعرض لشرح النواقص والأسرة وليس التشريح والتجريح وإذا كان به ما يمس سمعة بنات ام الفحم سأكون أول معترضة عليه . انما الشتائم والهجوم على المنتجة والمخرجين لا يفيد بل يسيئ لنا ولمستوانا الثقافي علينا تحمل الاخر والحوار معه وليس بالشتم.


ضد الفيلم: لا يليق عرضه

الشيخ هاشم عبد الرحمن قال بحديثه مع موقع بكرا: فيلم في تقديري، لا يليق عرضه لأنه لا يلامس الحقيقة بل هو افكار مسبقة مع افكار متحررة من قيم الدين والاخلاق الحميدة.

مع الفيلم: كما هبّت غيرتكم ضد الفيلم اخرجوا لفيلمكم الواقعي وناشدوا واستنكرا واستنفروا جميعا لمناهضة سلبياتنا نحن

عضو سكرتارية محلية للتجمع الديمقراطي في ام الفحم - محمد خضر جبارين، قال بحديثه مع موقع بكرا: نتداول في هذه الفترة نقاش حول فيلم "بر وبحر" بصراحة انا حتى الان لم اشاهد الفيلم ولكني ضد اي فن هابط ومع حرية التعبير وصياغة الفكرة لتكون هادفة ولكن ما أتفاجئ منه هو هذا النقاش العقيم وردود فعل غير صحية، لا اشك ابدا اننا كلنا غيورون على بلدنا واهلنا ومن الضرورة تفهم هذه الغيرة ولكن هل اصبح الفيلم هو سبب وضعنا المتردي في الانحراف والرصاص وسلب الارواح وتجارة المخدرات حتى في اجيال يافعة، نصيحتي للجميع كما هبّت غيرتكم ضد الفيلم اخرجوا لفيلمكم الواقعي وناشدوا واستنكرا واستنفروا جميعا لمناهضة سلبياتنا نحن. البلد تحتاج منّا الكثير وليس فقط الجلوس والتمتع بنقد عقيم او بفلسفة تقتضي منّا اعجاب او تعلي.

ضد الفيلم: هنالك بلدات وضعها اسوأ بدرجات من أم الفحم

الشابة الفحماوية ميسم كارم ذياب قالت بحديثها مع موقع بكرا: لا يوجد مكان في العالم طاهر مئة بالمئة، لا يوجد مكان لا توجد به هذه القصص، فكل مكان يوجد فيه قصص بشعة وقذرة من عنف واغتصاب وقتل وحتّى كلّ شيء، كلّ هذه الأمور بنِسَب متفاوتة، لا نتحدث ان ام الفحم لا يوجد فيها هذه الأمور، لكن مقارنة مع البلدان الاخرى فان الفحم تكون بمثابة صفر على الجهة اليسرى، ما يعني لماذا تمركز الفيلم حول ام الفحم؟ لماذا لم يكون هناك تمثيل لكثير من المدن وبالرغم من الأمور السيئة فنحن لسنا الأسوأ، اذا ارادت المخرجة إيصال قضية ما، كيّ يصل الامر بشكل إيجابي لعقول الناس والأجيال المختلفة، كان من الواجب ان تكون طريقة عرض الأمور ارقى.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]