فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي حصارًا مشددًا على بلدة جبل المكبر جنوب شرق القدس المحتلة، وأغلقت كافة مداخلها وبعض شوارعها بالمكعبات الإسمنتية، وحولتها إلى ثكنة عسكرية.

وتأتي هذه الإجراءات التعسفية، ردًا على عملية الدهس التي نفذها الشهيد فادي القنبر في مستوطنة "أرمون هنتسيف" المقامة على أراضي جبل المكبر، وأدت إلى مقتل أربعة جنود وإصابة 15 آخرين بجراح مختلفة.

وكان الكابينت الإسرائيلي قرر مساء الأحد اتخاذ عدة خطوات ضد عائلة منفذ العملية، من بينها هدم المنزل بالسرعة الممكنة، وكذلك رفض طلبات لم الشمل للعائلة التي قدمت لأقرباء من الضفة وغزة، والتحفظ على جثة الشهيد وفرض طوق مشدد على جبل المكبر مسقط رأس المنفذ.

وتشهد البلدة منذ وقوع عملية الدهس تواجدًا وانتشارًا مكثفًا لقوات الاحتلال، بالإضافة إلى نصب العديد من الحواجز العسكرية على مداخلها، ناهيك عن إيقاف المركبات وتفتيشها وتحرير مخالفات لها.

ويجد السكان صعوبة في الخروج من البلدة، في ظل الإجراءات الإسرائيلية المشددة، مما يضطرهم إلى سلوك طرق التفافية بعيدة من أجل الوصول إلى أماكن عملهم.

وذكر المقدسي معتصم علان من جبل المكبر لوكالة "صفا" إن قوات الاحتلال شددت منذ ساعات الصباح من إجراءاتها الأمنية في البلدة، وأغلقت الشارع الرئيس الواصل إلى حي المدارس في البلدة بالمكعبات الإسمنتية، بالإضافة إلى الشارع الواصل إلى حي الفاروق، حيث تمنع الدخول والخروج منهما.

وأوضح أن البلدة تشهد أزمات مرورية خانقة بفعل عمليات الإغلاق والتشديد، واصفًا الوضع بالبلدة بالمتوتر والصعب للغاية.

وأضافت أن قوات الاحتلال المتمركزة على مداخل البلدة تُضيق الخناق على المواطنين، من خلال التنكيل بهم وإخضاعهم للتفيش وفحص هوياتهم الشخصية والتدقيق فيها.

وأفاد بأن قوات كبيرة من جيش الاحتلال اقتحمت صباح اليوم البلدة، وداهمت خيمة عزاء الشهيد القنبر، وقامت بتفكيكها، فيما اعتقلت بركات القنبر ابن عم الشهيد.

وأشار إلى أن البلدة تشهد اليوم إضرابًا، حيث أغلقت معظم المحلات التجارية أبوابها، حدادًا على روح الشهيد القنبر.

بدوره، قال رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب لوكالة "صفا" إن قوات الاحتلال أفرجت مساء الأحد، عن والدة الشهيد القنبر وزوجته، وأبقت على اعتقال والده وشقيقيه وشقيقته شادية واثنين من أبناء عمه، ومن المتوقع أن يتم عرضهم على قاضي المحكمة اليوم.

وأوضح أن تلك القوات استدعت شقيقاته وعددهن 12 سيدة، للتحقيق معهن في مركز شرطة "المسكوبية" غربي القدس، لافتًا إلى أنه جرى الاعتداء على زوجة الشهيد.

وكانت مخابرات الاحتلال والقوات الخاصة اقتحمت في أعقاب وقوع عملية الدهس أمس الأحد، منزل الشهيد القنبر في بلدة جبل المكبر بشكل وحشي، وحاصرته بالكامل لأكثر من ثلاث ساعات، وشرعت بتفتيشه، وتخريب محتوياته، ومن ثم اعتقال والدته ووالده وزوجته وشقيقيه.

وشهدت البلدة مساء الأحد، مواجهات عنيفة بين الشبان وقوات الاحتلال التي أطلقت وابلًا من القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع، والأعيرة المطاطية، دون أن يبلغ عن إصابات.

وتصدى الشبان بإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة باتجاه عناصر الاحتلال، وخاصة على حاجز الشيخ سعد في البلدة.

من جهتها، زعمت شرطة الاحتلال أن عناصرها صادروا خلال اقتحامهم منزل الشهيد القنبر أمس مقتنيات ومواد خاصة بمجريات التحقيق من منزله.

وأفادت الناطقة بلسان الشرطة لوبا السمري في بيان صحفي بأن قوات الشرطة تواصل اليوم نشاطاتها الميدانية العملية المعززة في شتى أنحاء شرقي القدس، وتركيزًا على حي جبل المكبر، لافتة إلى أنها اعتقلت أمس تسعة مواطنين بينهم خمسة من أفراد عائلة منفذ عملية الدهس.

بدورها، قالت القناة الثانية العبرية إن 50 % من العمليات في القدس، خرجت من جبل المكبر.

عقوبات جماعية

من ناحيته، قال الكاتب المقدسي راسم عبيدات في مقالة له إن العقوبات التي أقرها الكابينت وفي مقدمتها هدم بيت الشهيد، واعتقال كل من يبدي فرحه بالعملية، بالإضافة إلى زيادة عدد الحواجز في القدس، ومطاردة المقدسيين في تفاصيل حياتهم اليومية اقتصاديًا واجتماعيًا وغيرها من عمليات القمع والتنكيل بالمقدسيين يجري العمل بها وتطبيقها بعد كل عملية تحدث في القدس.

وأوضح أن قوات الاحتلال تستهدف المقدسيين بالمزيد من العقوبات الجماعية، ويتبارى قادة حكومة الاحتلال من أجل كسب ود وثقة الجمهور الإسرائيلي والمستوطنين في أيهم سيتخذ عقوبات أشد بحق المقدسيين، حتى ينال مقاعد أكثر في الانتخابات الإسرائيلية القادمة.

وأضاف أن "قادة الاحتلال يدركون جميعهم بأنه لا حل أمني، فمهما قالوا وصرخوا وصرحوا يوميًا بأن القدس موحدة وعاصمة لإسرائيل، فالواقع يؤكد بأن القدس غير موحدة، والقانون الدولي يقول بأن القدس الشرقية محتلة".

وتابع "ولعل القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي الذي أكد على عدم شرعية الاستيطان ودعا حكومة الاحتلال إلى وقفه في القدس والضفة الغربية، وكذلك القرار الذي اتخذته أيضًا لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو قبل ذلك، هي رسائل واضحة لحكومة الاحتلال لا اعتراف بشرعية الضم للقدس والقدس غير موحدة".

وأكد عبيدات أن القمع والتنكيل بالمقدسيين وانسداد أفق العملية السياسية، كلها عوامل ضاغطة تجاهه تفجر الأوضاع على شكل هبات شعبية جماهيرية.

وشدد على أنه لا مناص أمام المقدسيون قوى ومؤسسات ولجان سوى المزيد من الوحدة والتلاحم من أجل الدفاع والمحافظة على وجودهم وبقائهم في مدينتهم وعلى أرضهم.

وطالب القيادة السياسية الفلسطينية والقوى والأحزاب بأن ترتقي الى مستوى الخطر الداهم المحدق بالمدينة المقدسة وأهلها، من خلال توفير مقومات وعوامل الصمود الفعلي والحقيقي لهم، وليس الشعارات والبيانات والخطب الرنانة، وكذلك العمل على فضح وتعرية الاحتلال أمام كل المحافل والمؤسسات الدولية.

ودعا إلى التوجه للمحاكم الدولية لجلب ومحاكمة مستوطني وجنود الاحتلال وقادته على ما يرتكبونه من جرائم حرب بحق المقدسيين والشعب الفلسطيني.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]