ضمن متابعة بُكرا" لملفّ الهجوم الإرهابي الذي شنّه منتصف ليل السبت - الاحد، مجرمُ على مطعم "رينا" في مدينة اسنطبول وأسفر عن استشهاد ليان ناصر من الطيرة وإصابة صديقتها، وأيضا استشهاد نحو 40 انسانًا بينهم العديد من العرب (من الدول العربية) وإصابة العشرات، اجرى مراسلنا لقاءً (هاتفيًا) مع الناجية من الهجوم الارهابي، ابنة الطيرة وشقيقة رئيس البلدية هناك، طبيبة الاسنان د.ألاء طارق عبد الحي والتي كانت المرحومة ليان تعمل معها في عيادتها.


تجدر الاشارة الى انه سيتم تشييع جثمان شهيدة الارهاب، ليان زاهر ناصر البالغة باستشهادها 19 عاما، بمشاركة صديقاتها اللاتي تواجدن برفقتها في اسطنبول.

الناجية من الهجوم الارهابي في اسطنبول وطبيبة الاسنان - د.الاء طارق عبد الحي، قالت بحديثها لموقع بكرا" تخطيطنا للسفر الى اسطنبول لم يكن منذ فترة طويلة، فقط قبل اسبوع قررنا السفر الى تركيا وتحديدا اسطنبول للاحتفال برأس السنة والاستراحة قليلًا من العمل، واخترنا ليلتها أن نتناول طعام العشاء ونقضي تلك الأمسية في مطعم "رينا"، وهو اجمل وأرقى مطعم هناك بحيث اعتبره ويعتبره معظم الناس بمثابة المطعم الاول في المدينة.

لحظات مخيفة

وعن لحظة الهجوم الارهابي، تقول الطبيبة الشابة آلاء في حديثها لـ"بـُكرا": كنا نجلس نحن الاربعة على نفس الطاولة، سمعنا صوت اطلاق نار، اعتقدنا ان هنالك شجارًا! لكن بعد ذلك، بدأ الجميع بالانبطاح على الارض نحن خفنا كثيرا وافترقنا وقمنا بذات الامر الذي قام به الاخرون، ورأينا كيف بدأت الجثامين تتساقط من أمامنا، ومن اليسار واليمين، فملأت الدماء المكان في مشهد مخيف لم أتخيل في حياتي أنني قد أعيشه.

في صوت امتزج بالبكاء مع استذكارها للمشهد، قالت آلاء: الأمر كان أشبه بالحلم، خوفٌ وصراخ ودماء، حاولنا الهرب، وهناك من اختبأوا في المخزن واغلقوا الباب على نفسهم رافضين –خوفًا- أن يفتحوه لندخل.

وأكملت تسرد ما حصل: اختبأت انا ومجموعة صغيرة فوق الثلاجة، كان برفقتي ايرانيين، المانيين، سوري، تركيين ومصرية وحافظنا هدوء تام، لأن المخرب كان يبحث عن كل فرد على قيد الحياة ليقتله! وللحقيقة فالمخرب دخل الى المكان الذي التجأنا اليه وبلطف من الله انه لم ينتبه لنا، وقد كان يصوب سلاحه نحو رأس احدى المتواجدات هناك".

الشرطة التركية تأخرت حتى وصلت للمكان وفق ما أفادت به وسائل إعلام، الأمر الذي أكدته آلاء وقالت: الشرطة حضرت الى المكان متأخرة، رواء واية خرجن من المطعم قبلي فهن نجحن بالفرار من المكان، ذهبن الى المشفى بسبب اصابة رواء في يدها وقدمها، لكن جراحها متوسطة اما اية لم تصب بحمد الله.


بين المستشفى ومركز الشرطة .. 


وتتابع الناجية من الهجوم الارهابي حديثها: كما قلت انفا، ايه ورواء تواجدن بالمشفى اما انا طيلة الوقت تواجدت بمحطة الشرطة حيث تم استجوابنا، كنا حوالي 600 شخص، الشرطة اخرجتنا الى جبل مفتوح وانتظرنا هناك لفترة طويلة حتى ما حضرت الحافلات التي اقلتنا الى محطة الشرطة، عانينا من اجواء قاسية وحرمنا من الاكل والشراب، كل ما قمنا به هو خضوعنا للاستجوابات المختلفة والحصول على بصماتنا".


وعن المكان الذي تم استهدافه، تقول بحديثها لبكرا:" مطعم "رينا" هو المطعم الإفضل في اسطنبول ويعتبر من أفضل المطاعم في العالم ونحن لم نشعر بتحركات غريبة، لم يكن هناك اي امر يشير الى القلق، الحديث كان عن شخص يتنكر بزي "بابا نويل"، مستهجن أن تتم عملية كهذه في مطعم كهذا، فهذا لا يليق بمكانة ورقي المطعم".

وعلى عكس ما أفادت به وسائل الإعلام، تقول الاء: ثلاثة أشخاص كانوا يطلقون النار وليست عملية فردية كما قيل، ويقال أن أحد المجرمين كان يتنكر بزي "بابا نويل" .

وعن علاقتها بالشهيدة ليان، تقول د.عبد الحي: انا اعمل كطبيبة اسنان وليان كانت تعمل معي بالعيادة كمساعدة، ليان أفضل انسانة عرفتها في حياتي، اخلاقها حميدة الى درجة كبيرة، مؤدبة جدا وجميلة كذلك ومجتهدة، وانا اقنع نفسي بأن الله اختار ليان لأنه يحبها، هي مثل الملاك.



وعن شعورها بعد استشهاد صديقتها ليان، تقول الاء بحديثها لبكرا:" انا حزينة للغاية ويصعب علي تصديق الامر، مؤسف جدًا أن أمرًا كهذا حصل معنا، فقد كنا في غاية السعادة قبل وقوع الجريمة .

كذبوا علي

بالنسبة لاختفاء ليان، تقول الاء لـ"بـُكرا": طوال الوقت كنا نعتقد أن هنالك شخص ما قدم الإسعاف لليان ن، كل الاخبار التي وصلتني اشارت الى ان ليان على قيد الحياة وبالواقع هم كذبوا علي، لتواجدي بمحطة الشرطة لوحدي وعلى ما يبدو انهم خافوا على مشاعري، وعندما ذهبت للمشفى كانت الصدمة، فقد اخبروني بان صديقتي المقربة ماتت، جننت ولم اصدق ما سمعت".


وعن ردة فعلها على النقاش الدائر على وسائل التواصل الاجتماعي، تقول:" لم اتابع النقاشات، لكن سمعت بعض الاقاويل هنا وهناك، هذه رسالتي لكل من يدعي اننا كنا في ملهى ليلي ولكل المتعصبين دينيا" انتم افشل ناس، لا ترحمون المرء، يكفي ما حصل معنا وانتم اختلقتم الروايات وفقا لرغباتكم، ورواياتكم هذه لا يوجد لها أي اساس ولا يهمني رأي الاخرين، كل واحد منا يعرف ماذا يفعل، المهم ان افعل الامر الذي انا مقتنعة به، انا اعرف نفسي واعرف المجموعة، نحن مجموعة اديبة جدا، المكان عبارة عن مطعم وليس ملهى ليلي، الحفلة كانت جميلة جدا ومع دي جي، اقولها بكل جراءة، "اللي مش عاجبه ينتحر!".


وعن طموح الشهيدة ليان، تقول:" ليان كانت تطمح الى ان تعمل بمجال تنظيف الاسنان، وكانت تحب العمل معي طوال الوقت، كانت سعيدة جدا في عملها، كنا متفقات كثيرا، نحن نفس الرأس ومن يدخل لزيارة حسابي بالفيسبوك، يلاحظ مدى قوة علاقتنا بحيث اشير لحسابها في كل منشور انشره.


الرحلة الاولى والاخيرة!

وعن اخر لحظة في حياة ليان، تقول آلاء:" ليان في اخر لحظة بحياتها كانت سعيدة جدا، حيث ان هذه السفرة الاولى للمرحومة، فاستصدرت جواز سفرها على وجه السرعة للسفر معنا فهي كانت متحمسة ومتلهفة جدا للسفر، وهذه الرحلة كانت الاولى الاخيرة بحياتها".

وعن عدم ملاحظتها لليان لحظة الهجوم، تقول:" المشكلة انه في لحظة الهجوم لم تكن المرحومة امام ناظري، طوال الوقت اوجهنا كانت على الارض، الناس تراكمت فوق بعضها البعض وصوت زخات الرصاص ظل حاضرا في ذهني، ليان كانت معنا طيلة الاوقات حتى الساعة الواحدة والنصف كنا جالسات على نفس الطاولة، ولكن، بعد اطلاق النار افترقنا، ليان اختفت لعدم قدرتنا على رؤيتها، فكانت هناك مجموعة كبيرة ملقاة على الارض، هناك من اختبأ بالخزائن وهناك من اختبأ بالمخزن، المخربين ظلوا يطلقون النيران ليقتلوا اكثر عدد بإمكانهم قتله! ، رواء واية طول الوقت تواجدن بالمخزن، انا كنت ازحف على الارض بهدوء تام وسلمت امري لله تعالى وبوقت متأخر عرفنا ان ليان ماتت".
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]