مرّ ما يقارب شهر ونيّف على وفاة الفتاة الفحماوية، اسيل نادر جبارين البالغة بوفاتها 15 عاما، جرّاء وضعها حدًّا لحياتها.

طوال الفترة الماضية لم تخرج العائلة بأي تصريح لوسائل الاعلام سوى في اليومين الاخيرين فقد اكدّوا رواية الانتحار وحمّلوا قسم الشؤون في بلدية ام الفحم، مسؤولية وفاة ابنتهما.

وتطالب عائلة المرحومة بأن يتم اقالة مديرة قسم الشؤون في ام الفحم بشكل فوري، لمنع الضحيّة القادمة التي ستكون بسبب إهمال الشؤون - بحسب ادعاء العائلة-.

قتلوا لي ابنتي!

والد المرحومة أسيل جبارين - السيّد نادر جبارين، قال في حديث خاص لموقع "بـُكرا":" ابنتي وضعت حدا لحياتها سبب إهمال قسم الشؤون في بلدية ام الفحم وانا عدت الى حياتي الطبيعية فقط منذ ايّام، فلا زلت بهول الصدمة والفاجعة، ما حلّ بِنَا فاجعة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ابنتي حاولت الانتحار في السابق وكان لها سوابق مع هذا الامر، الا اننا انقذناها في اللحظات الاخيرة، وابنتي كانت تعاني من اكتئاب منذ نهاية المرحلة الابتدائية وعليه تتطلّب منها المعالجة وتناول الأدوية المختلفة ومعاناة المرحومة تفاقمت بعد وفاة والدتها جرّاء أزمة صحيّة بعد عامين ونيّف".

واكدّ أن:" الواجب المهني يحتّم على قسم الشؤون اجراء زيارات بيتية للمرحومة للاطلاع على وضعها ومتابعته عن كثب، إِلَّا انهم لم يصلو اليها ولو لمرّة واحدة".

واشار والد المرحومة الى ان:" قسم الرفاه والخدمات الاجتماعية كان يعلم مسبقا ومنذ ستّة أعوام بالوضع النفسي لدى المرحومة اسيل، إِلَّا انه لم يعالج موضوعها وفقا لما هو متبّع في هذه الحالات".

وشدّد على ان:" مرّة اخرى، المسؤول عن وفاة ابنتي هو قسم الشؤون فهم قاموا بقتلها!".

وأردف:" ابنتي اسيل كانت في مؤسسة بإطار تعليمي خاص في مجد الكروم، واضطرت قبل عامين بالعودة الى المنزل بسبب المرض الذي حلّ بوالدتها وطلبت اسيل عدم العودة الى هذه المؤسسة لأنّ لديها قدرات تعليمية وتستطيع ان تكون في مدرسة عاديّة وذلك أيضا بشهادة مدير المؤسسة الخاصة في مجد الكروم فابنتي كانت تحبّ الرسم والاشغال اليدوية ناهيك عن قدرتها التعليمية، لاحقا طلبت اسيل منا ان تبقى في كنفنا بعد وفاة امّها".

ونوّه:" انا وشقيقي توجّهنا الى قسم الشؤون في بلديّة ام الفحم لإيجاد مدرسة مناسبة لها بما أنّها لا تحتاج ايّ إطار خاص وبهذا بدأ دوامها في احدى المدارس بأم الفحم، الا ان خلافا نشب بينها وبين احدى المدرّسات، حيث طلبت المرحومة منّا بأن لا يعيدوها هناك بسبب الأمور التي حصلت معها، فيما بعد، توجّهنا لقسم الشؤون طالبين منهم العثور على إطار يناسب الفتاة، لكن بسبب الاهمال الذي استمرّ لفترة طويلة تصل الى اكثر من خمسة أشهر، ازداد وضعها النفسي سوءً وقمت بالضغط على قسم الشؤون لوضعها بالإطار المناسب لها".

تهرّبٌ من المسؤولية

وزاد: "قام قسم الشؤون بإرسال الفتاة الى ملجأ دون معرفتنا بتفاصيل هذه المؤسسة التي تعتبر حياة النزلاء فيها مهدّدة بالخطر من قبل الأهل وهذا لا ينطبق إطلاقا على حالة وتفاصيل ابنتي أسيل التي لم تبلغ الـ 16 من عمرها فيمنع على الاهل معرفة مكان هذا الملجأ كذلك لا يستطيعون الاتصال بها بأي شكل من الأشكال أو حتى زيارتها".

وعن جلستهم مع ابنتهم المرحومة، يقول السيّد جبارين بحديثه لـبكرا:" عندما توجّهنا لمعرفة مقصد ابنتنا المرحومة ومكان تواجدها وبعد نجاحنا بترتيب جلسة، اجتمعنا معها لكن ليس في الإطار الذي نقلت اليه مما اثار شكوكنا عن حقيقة مكان تواجدها و في ظلّ محاولتنا بمعرفة عنوان اسيل، كانت الاخيرة قد خرجت من المؤسسة لدى احدى صديقاتها وقسم الشؤون كان على دراية بذلك ولَم يبلّغنا".

وقال: "بعد اجتماعي مع مديرة القسم، بدأت الاخيرة بإلقاء اللوم علينا مشيرة الى انٌنا نتحمِل نتيجة تصرفات اسيل بما أنها ابنتنا بالإضافة الى انها وحمّلت ، بعض الموظّفين هناك، المسؤولية لعدم اخطارنا بالمستجدّات ما يدلّ على انها تهرّبت من مسؤوليتها".

واشار والد المرحومة اسيل الى أن: "ما حدث على ارض الواقع بمثابة كارثة لا يشعر بها إِلَّا المرحومة اسيل وحدها التي وجدت نفسها عالقة بين ضغوطات رهيبة سببها قسم الشؤون وبسبب الملجأ الذي نقلت اليه مما زاد من حدّة حالتها النفسية بالإضافة الى إهمالهم الرهيب في متابعة حالتها وعدم تداركهم لأمرها".

اليوم الأخير

وعن الْيَوْم الأخير في حياة المرحومة، يقول:" طلبت منّي مديرة القسم القيام ببعض الأمور والذهاب الى موظّفة في القسم للحصول على وثائق تخوّل الجهات من إيجاد حل فوري لمعاناة أسيل، بينما عطّلت كلّ أشغالي والخروج بهذا الْيَوْم الى قسم الشؤون بهدف الحصول على الأمور، أتفاجئ بان الموظفة التي أرسلتني اليها مديرة القسم، لا تعلم بالموضوع إطلاقا وادَّعت ان المديرة لم تخبرها بايّ شيء، وطلبت الموظفة مني العودة الى مديرة القسم لمراجعتها بحيث يظهر الاهمال الشديد والواضح في متابعة المواضيع التي تتعلّق بالمرحومة أسيل".


وانهى كلامه قائلا:" ذهبت الى احدى المراكز في مدينة ام الفحم طالبا منهم المساعدة، ووصلني هاتف من شقيقتي تقول لي "احضر الى البيت بأسرع وقت ممكن"، الطبيب الذي توجهت اليه، هرع الى بيتنا بصحبتي وعند وصولنا كانت الكارثة الكبرى، لنتفاجأ بان اسيل وضعت حدا لحياتها بسب هذه الأزمة التي لا يمرّ فيها إِلَّا من يتعرّض لإهمال قسم الشؤون، وانا منذ ان عادت ابنتي الى المنزل، كرّست حياتي من اجل ابنتي اسيل ولَم اخرج من المنزل، واليوم الذي خرجت فيه خرجت بناء على طلب من مديرة قسم الشؤون الذي طلبت مني المجيئ شخصياً وخصيصا من اجل الموضوع".

رد قسم الشؤون


مديرة قسم الشؤون في بلديّة ام الفحم - الحاجة فتحيّة اغبارية، قالت بحديثها مع موقع بكرا:" لن أخوض بالتفاصيل وسأتحدث بشكل عام، الفتاة معروفة لنا منذ ثلاثة أعوام، وكان هناك برنامج علاجي دقيق وكان أخصائي علاج يرافقها بكل مراحل العلاج، وعندما عادت المرحومة من المأوى وضعنا اليها برنامج علاجي مع المدرسة وبالتنسيق مع كلّ شخصيّة تؤثر عليها، أرسلت كل تفاصيلها لمدير اللواء وتلقينا توجه من طبيب العائلة قمنا بنقاش الامر معه، كان اقتراحنا هو ان يوجهها لمستشفى العفّولة بهدف اجراء تشخيص متكرّر".

وتابعت:" نحن كنّا متابعين لها على مدار الساعة وكان عليها حراسة ، بهذه الفترة اجتهدنا بكل اتصالاتنا ان نرتب لها مأوى لان الاهل لم يوافقوا على إعادتها الى البيت بادعاء انهم غير قادرين على التعامل مع ظرفها".

واكدّت ان:" بدأنا بالتوجه للمسؤولين، بأننا نريد إيجاد مؤسسة لها وكان ذلك على مدار الساعة وقالوا ان هناك مؤسسة في الشمال، أخذوها خصيصا، الى مؤسسة الشمال وهي لحماية القاصرين، المؤسسة لم توافق على استيعاب المرحومة نتيجة لاعتبارات مهنية في التشخيص".

وزادت:" بدأت بالاتصال على اَي طرف من أقاربها، لم يتعاون معي احد ورفضوا استيعابها واستضافتها عندهم، انا لست بدولة وليس انا من يضع القوانين وباشرت باتصالات اخرى مع الجهات المسؤولة وكان الجواب انّه لا يوجد محلّ، توجهنا للكثير من المفتشين وكان هناك حيرة بين المفتشين وكان القرار بان يتم ترتيب لها مكان في مأوى شبيه بالسجن وهو مقفل".

ونوّهت:" في تاريخ 10-11 توجّهت عائلة المرحومة إلينا، على أساس سؤالنا حول سبب خروج اسيل من المأوى، الأخير ليس مقفلا وباي لحظة ممكن تهرب، وانا على اتصال مع الكل ، لم يحتويها احد وقلنا لهم ان لا احد يقدر على منعها من الخروج، والعاملة الاجتماعية قالت لهم ذلك انّه بأي دقيقة ممكن الخروج".

واستطردت حديثها قائلة:" في هذه اللحظات انهالوا علينا بالادعاءات، حاولت شرح الموضوع لهم وكل سيرورة العمل القانونية بانه عدم وجود مؤسسات لا يتعلقّ بي شخصيا وعلى الرغم من مطالبنا المتكررة بتوفير مؤسسات لهذه الفتيات".

وقالت: "أصرّت المفتّشة على انه لا يوجد هناك محل، وفِي 11-11 كان هناك إمكانية الى ان يتم استيعابها في المأوى لربّما لوجود محلّ لذلك وطوال الوقت كنت اضغط من اجل إيجاد مكان لها وفِي النهاية تلقّيت رسالة وقرأتها لعمّ الفتاة".

اليوم الأخير، وفق قسم الشؤون

وعن يوم وفاة المرحومة، تقول الحاجة اغبارية بحديثها لـبكرا:" يوم الأحد تلقيت خبر وفاة الفتاة وعلى الفور بعثت رسالة لوزير الرفاه الاجتماعي واخبرته عن الامر وحيثيات ووجِّهت أصابع الاتهام نحو الوزارة".

واشارت الى أن:" في 20-11 تلقيتُ الرد بأنّه تقرّر إقامة مؤسستين للفتيات بالوسط العربي، ومرة اخرى صلاحياتي محددة، انا ليس بإمكاني اجبار المفتّشين على إيجاد محلات للفتيات، نحن نقع في حيرة من امرنا في حال لم نعثر على محلات وهنا الدولة افلست في إيجاد محلات ... نحن سنجد؟".

وعن مطالبتها بالاستقالة، تقول:" ليست العائلة من تقيّمنا مهنيا، هناك وزارة وهناك ادارة بلدية، اتأسف لهذا الحديث، لكن لي باع طويل في هذا المجال، بشهادة الجميع نجحت أكون في مكان ريادي وقيادي من اجل تطوير أقسام الخدمات الاجتماعية وتوفير الاطر المناسبة لجميع الفئات المستهدفة".

وأنهت كلامها قائلة:" الإقالة لإنسان فاسد اداري ومهني وهذه الحالة لا تمثلنا، ونحن في الأقسام نعمل وفقا لقوانين وليس الاهواء".
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]