أعلنت القائمة المشتركة قبل ايّام في الكنيست، خلال اجتماعها في مقرّ كتلتها، عن نيّتها بتقديم شكوى ضدّ رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو.

يأتي ذلك على اثر موجة التحريض التي شنّها نتنياهو على أبناء المجتمع العربي، واتّهامهم بأنّهم هم من قاموا باشعال الحرائق الهائلة في البلاد لدواعي قومية.

واثار إعلان القائمة المشتركة، ردود فعل واسعة عند جمهور المحامين، فقد قام مراسل "بكرا" بتسليط الضوء على هذه الخطوة وعلى آراء بعض المحامين.

تجدر الإشارة الى ان لجنة المتابعة برئاسة محمد بركة هي المبادر الاول لتقديم شكوى ضدّ رئيس الحكومة.

رد سلبي 


محاميّة في مركز "عدالة" الحقوقي - سوسن زهر، قالت بحديثها مع موقع بكرا:"نحن نتوقع بان رد المستشار القضائي للحكومة لشكوى القائمة المشتركة ضد نتنياهو بتهمه التحريض ضد العرب، سيكون سلبيا، وقد يرفض النظر بالشكوى مبرراً بأن كل ما قاله نتنياهو يكمن ضمن إطار الحصانة البرلمانية وحرية الخطاب السياسي التي يتمتع بها مثله مثل سائر أعضاء وعضوات الكنيست ، كما أنه يتمتع بالحق بحرية التعبير عن رأيه السياسي حتى لو كان موجها ضد العرب، وبأي حال فإن تصريحات نتنياهو قد لا تلائم المعايير لبناء تهمه التحريض حسب القانون الجنائي والتي تعتمد على تصريحات مباشرة وعينية".

وزادت:"ولكننا وبالرغم من ذلك، نرى في مركز عداله وبدورنا كمستشارين قانونيين للقائمة المشتركة ولجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، بهذه الخطوة دور مهم على الصعيدين السياسي والقانوني، اذ لا شك أن نتنياهو استغل مكانته للتحريض السياسي ضد المواطنين العرب واستغل كل حدث ممكن لتوجيه التهم واللوم والتخويف ضدهم، حيث ساهم على أرض الواقع ولو بشكل غير مباشر الى تصعيد العنصرية ضد المواطنين العرب في أحداثٍ عدة".

وزادت:" لذلك وبالرغم من ان تصريحات نتنياهو قد لا تصلح لتوجيه لائحة اتهام ضده من الناحية القانونية، إلا انه من المهم سياسياً جمع وتوثيق تصريحاته المحرِّضَه عن طريق تقديم شكوى للمستشار القضائي للحكومه".

وأنهت كلامها قائلة:"أضف الى ذلك قد يستعمل الرد المتوقّع من قبل المستشار القضائي للحكومه لاحقاً لصالح اعضاء الكنيست العرب في حال تم تقديم لوائح اتهام ضدهم بتهمه التحريض للعنصرية، وعندها ستُكشَف سياسة التفريق العنصري للمستشار القضائي بكل ما يتعلق بتقديم لوائح اتهام بخصوص التحريض العنصري والتحريض للعنف وعندها سيكون واضحاً أكثر أنه هناك قانون للعرب وقانون آخر لليهود بكل ما يخص حريه التعبير".

فقط نخدم توجهات نتنياهو 

المحامي نضال عثمان من الائتلاف لمناهضة العنصرية، قال بحديثه مع موقع بكرا:"مع تفهمي للغضب حتى الاشمئزاز من تصريحات وتحريض نتنياهو العنصري المباشر وغير المباشر ضد الجماهير العربية، الا انني اعتقد ان تقديم هذه الشكوى او المسار القضائي يخدم بالضبط ما كان يريد نتنياهو ان يجنيه من التحريض وهو حملة تظهره كيميني اكثر من بينيت وغيره. وبالتالي التحرك بهذا الاتجاه يخدم اهدافه ويعطيه كريديت وتأييد اكثر وسط الجمهور الذي استهدفه".

واضاف:"اضافة لما ذكرت فمن الناحية القانونية المسار يجب ان يكون بتقديم طلب للمستشار القضائي للحكومة بالتحقيق مع نتنياهو بشبهة التحريض ومن تجربتنا الكبيرة في الائتلاف لمناهضة العنصرية في مجال جرائم التحريض العنصري فأن المستشار القضائي سيرفض الطلب بعد اشهر من تقديمه وبعدها بالامكان التوجه لمحكمة العدل العليا والتي كذلك حسب تجربتنا سترفض الالتماس، مما يعني استمرار حملة نتنياهو وتجديدها ليستفيد منها من جديد وسط الجمهور اليميني العنصري".

واختتم كلامه قائلا:"مع تفهمي للغضب حتى الاشمئزاز اعتقد انه يجب عدم تقديم مثل هذه الشكوى او المسار القضائي وانما الذهاب باتجاه تقرير للمؤسسات الدولية المعنية".

المحامي محمد غالب يحيى قال بحديثه مع موقع بكرا:"تقديم شكوى ودعوة ضد رئيس الحكومة نتنياهو بسبب تحريضه على المجتمع العربي فترة الحرائق.برأينا يجب تقديم دعوة قضائية والعمل بهذا المسار رغم المخاوف وتوقعات خسارة الدعوة قضائيا".

تقع عليه مسؤولية 

المحامي اياد رابي قال بحديثه مع موقع بكرا:"التحريض الذي قام به نتنياهو وغيره من الوزراء ضد المواطنين العرب في عدة مناسبات يشكل مخالفه جنائية تندرج تحت البنود التي تحظر نشر وتأجيج العنصرية والتحريض عليها وذلك وفق القانون الجنائي الإسرائيلي نفسه".

وتابع:"كونه منتخب جمهور وعلى رأس السلطه التنفيذية يزيد من مسؤوليته وخطورة تحريضه لأن أتباعه والمتأثرين بأقواله كثيرون ، وهو قام بذلك بتعميم فظ ودون أدنى درجات التأكد من الشبهات حتى تجاه أفراد مجهولي الهويه فما بالك حين يقوم بذلك تجاه مجموعه قومية كامله حتى قبل الفحص والتأكد بأن الحرائق تمت بفعل فاعل ".

وزاد:"بلا شك هو يقصد تأجيج الكراهية والعنصرية تجاه مجموعة قومية وهو على يقين أن ذلك سيلقى آذانًا كثيرة صاغية وهذا بحد ذاته خطير وجدير بالتحقيق الجنائي ومن ثم الإتهام والإدانة ، طبعًا بعد إجراءات رفع الحصانة أو إنهاء عمله كرئيس حكومة ".

وانهى كلامه قائلا:"لكن ذلك لا ينفي امكانية استصدار أوامر قضائية تمنعه من الاستمرار بذلك هو وغيره، سواءًا من منتخبي الجمهور او الصحافه أو مواطنين عاديين".

خطوة مباركة، ولكن غير كافية 

وفي حديثٍ مع المحامي خالد دغش قال لموقع "بكرا": بداية لا بدّ من التأكيد أنّ الخطوة مُباركة ومُهمة. حتى اليوم قمنا برد الفعل على التحريض الممنهج ضد الجماهير العربية وعلى تقليص الحيّز الديمقراطيّ المتاح لهم الذي يعّد بطبيعة الحال هامشيّ. وفي هذه الخطوة ننتقل من مستوى رد الفعل إلى مستوى الفعل علمًا أنه قضائيًا لن ننجح بمقاضاة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لما يتطلبه القانون من تأكيدات وإثباتات أن تصريحات نتنياهو تخطت حرية التعبير والحصانة السياسية ووصلت حد التحريض على الجماهير العربية الذي قد يؤدي إلى مسٍ بعددٍ من أفراده، وبطبيعة الحال هذه إثباتات مستحيلة، لكن للخطوة ابعاد أخرى مهمة جدًا".

وأسهب دغش متطرقًا إلى الأبعاد:"من نافل القول أنّ هذه الخطوة، وتوجهات أخرى للمستشار القضائي للحكومة، وبكثافة، ستصب لصالحنا نهاية الأمر. الاستمرارية في تقديم الشكاوى وطلب التحقيق، وحتى إن تم رفضها، حتمًا ستؤكد أن هنالك سياسة ممنهجة ضد الجماهير العربية. هذا مؤشر واضح على هذه السياسة الممنهجة. عندما ندعي ونقول أنّ إسرائيل عنصرية لا يكفي، كرجل قانون أعتمد على الحقائق أكثر من التقديرات، عليه عد عدد الشكاوى المقدمة كفيل بالتأكيد على أن هنالك سياسة عنصرية متجذرة وممنهجة ينتهجها اليمين الإسرائيلي تجاه الجماهير العربية".

وقال دغش:"إلى الجانب القضائي، هنالك بعد سياسي للتوجه. نحن نعي أنّ نتنياهو استغل الحرائق لحرف النقاش عن فضيحة "الغواصات" والتحقيق معه في الحيّز العام، وهذا ما يسمى باللغة الإعلامية Spine. نتنياهو كان في مأزق، والحرائق أخرجته من هذا المأزق. هو يعي أهمية الإعلام ويعرف كيف يتلاعب به، مثال واضح على ذلك كيف أشغل العالم الإعلامي بإيلانا ديان بعد أن كشفت في تحقيق لها عن ادارة فاسدة في بيته. عليه، على معركتنا ايضًا أن تتركز في الإعلام. كنت آمل أن تقوم القائمة المشتركة وقت الحرائق باستئجار خدمات مكتب إعلامي إسرائيليّ يؤكد من خلال بيانات مكثفة وعمل مكثف مع الصحافيين على أنّ الجماهير العربية وقعت ضحية "فضيحة الغواصات"، لا أن تصرخ "تحريض تحريض".

وزاد:"المجتمع الإسرائيلي لن يسمع هذا الصراخ، هو لا يرغب بسماعه عندما يتعلق الأمر بأمنه، لذلك علينا أن نطرق الباب من زاوية أخرى، أنه نوضح له أنه يتم التلاعب به، لا أكثر".

وتابع:"جانب آخر علينا طرقه الآن، ومهم جدًا التعامل معه بجدية، هو المجتمع الدولي. نحن نعي أنّ أي تسوية سياسية اليوم من غير الممكن تحقيقها دون ضغوط دولية، وكذا الحال في وضع الجماهير العربية. عليه، لا يكفي أن نرسل الشكوى إلى المستشار القضائي للحكومة. علينا أن نرسل نسخًا منها إلى الوزارة الخارجية الأمريكية وسفيرها هنا، إلى وزارة الخارجية البريطانية وإلى سفيرها هنا، إلى وزارة الخارجية الفرنسية وسفيرها هنا وهكذا دواليك. الضغط الدولي، من خلال إرسال رسائل متعاقبة، حتى لو لم نحصل على ردود، كفيل بإحداث الضجة المطلوبة، ومن المهم عنونة رسائلنا إلى خارج الحدود هنا وليس إرسالها إلى السفارات الداخلية.

وأوضح دغش: باب آخر في هذا السياق مهم جدًا أن نطرقه هو باب "المقرر الخاص المعني بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب" في مكتب المفوضية السامية في الأمم المتحدة، من المثير المعرفة ماذا يعرف هذا المقرر عن العنصرية في إسرائيل، وإذا رغبتم بالجواب هو يعرف فقط المعلومات التي تقدمها جمعيات المجتمع المدني الإسرائيلي، للأسف هنالك حاجة إلى تكاتف والتفاف جمعياتنا العربية إلى جانب لجنة المتابعة والقائمة المشتركة وطرق الباب الدوليّ، وللمعلومات فقط، هذا المقرر يتحرك بعد عدد من الشكاوى، وليس من أول شكوى، لكن تحركاته قد توصل إلى تدويل قضايا الجماهير العربية كافة".

وانهى كلامه قائلا:"من المهم التوضيح أنّه يوجد هنا وهناك محاولات للعمل على الجانب الإعلامي والدولي، إلا أنها فردية، وتكتيكية، وحان الآن أن نحولها إلى استراتيجية عمل، وفق خطة عمل واضحة، ممنهجة، متتابعة، يتم تقييمها بشكل دوري ومحاسبة المسؤول عن تطبيقها، وفقط وفق هذا المنهج نحن قادرون على الخروج من مأزقنا، باختصار علينا أن نتعلم من النمل".

عنصرية نتنياهو، مرضية 

بدورها، المحامية اميمة حامد قالت بحديثها مع موقع "بكرا":"نتنياهو يراهن كل مرة من جديد على ورقة رابحة وهي العنصرية، التي تلقى رواجا وآذانًا صاغية في الوسط اليهودي المرة تلو الاخرى. انا لست باخصائية نفسية ولكني اكاد اجزم ان عنصرية نتنياهو تعتبر ظاهرة مرضيه، فهو مهووس بها وتعتبر جزء من سلوكياته ومعتقداته الفوقية التي تعطيه الحق والشرعية في التحكم بمصير الآخرين وكينونتهم".

واختتمت كلامها قائلة:"حان الأوان لوقف محاولات التسلق والظهور والنجاح على حسابنا".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]