في ساعات المساء من أحد أيام الشتاء الماضي، وقع في مستوطنة "موديعين عيليت" حادث طرق حيث دهست حافلة ركاب طفلًا لا يتجاوز عمره عامين ونصف، عندما كان يسير وحيدًا على ممر المشاة في أحد الشوارع القريبة من منزل أسرته.

ولم يتنبّه سائق الحافلة إلى أن مركبته دهست الطفل بل أن أحد الركاب هو الذي لاحظ الأمر، فأشار على السائق بالتوقف فورًا.

وفي أعقاب هذه الحادثة، قُدّم السائق للمحاكمة، في محكمة السير في بيتح تكفا، فأدين بالسواقة بإهمال وبالتسبب بإصابة الطفل بجراح خطيرة، وصدر بحقه حكم بالعمل للصالح العام لمدة (250) ساعة، وبسحب رخصته لمدة عامين ونصف، وبدفع غرامة قدرها أربعة آلاف شيكل (ألف دولار).

وبعد صدور الحكم، استأجر السائق المدان خدمات محامٍ، ووكّله بتقديم طلب إلى المحكمة المركزية في اللّد يقضي بشطب الإدانة، وبتبرئته من التهم الموجهة إليه، زاعمًا ان الحادث الذي يقع على ممر المشاة لا يُلقي كامل المسؤولية على السائق، وأنه يتوجب على الشرطة أن تثبت أنه كان بمقدوره (بصفحته مرتكب الحادث) أن يمنع وقوع حادثة الدهس.

مَن تَرَكَ الطفل وحيدًا ؟!
وادعى المحامي وكيل السائق أن الشرطة لم تقدّم للمحكمة ما يكفي من الأدلة لإثبات التهم، وقبلت القاضية كلارا رجيانو بموقف المحامي، الذي ادعى أنه توجد في موقع الحادث "جزيرة سير" تعلوها نباتات يبلغ ارتفاعها حوالي متر ونصف، الأمر الذي حال دون مشاهدة السائق للطفل القصير القامة بطبيعة الحال، وأخذت القضاية على "خبير الحوادث" الذي حقق في هذه الواقعة أنه لم يُشر في تقريره إلى طول قامة الطفل، على الرغم من أن هذه المسألة لازمة وضرورية في إطار الملف.

وكان ممثل الادعاء قد قال في المحكة أنه كان بمقدور السائق أن يمنع وقوع الحادثة، على الرغم من أنه ثبت أن الطفل كان يجتاز ممر المشاة راكضًا، وعن ذلك تساءلت القاضية: على أي أساس توصل "خبير الحوادث" إلى النتائج الواردة في تقريره، وماذا كانت حساباته واعتباراته، وشددت على أنه لا تتوفر معلومات ومعطيات كافية تؤكد أنه كان بمقدور السائق تجنّب وقوع الحادث، ولهذا السبب يجب تبرئته من التهم.
ولفتت القاضية إلى أمر هام آخر في هذه القضية، وهو كيف يجتاز طفل لا يتجاوز عمره العامين ونصف، شارعًا مركزيًا، وهو لوحده، دون رقيب ودون أن يصحبه شخص بالغ، وكتبت في هذا الصدد: لو كان الطفل مصحوبًا بإنسان بالغ، لأمكن تجنّب وقوع الحادث!.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]