,عممت الحركة الإسلامية (ألشق الشمالي) بيانا صحفيًا جاء فيه : في هذا الظّرف العصيب، الذي لا يزال يخيّم على الأمّة المسلمة والعالم العربي والشّعب الفلسطيني، نؤكّد في الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني- أولاً وقبل كل شيء- التزامنا في الأساس بالموقف الإسلامي الشرعي الراشد، الذي حدده الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من التنظيم الذي أطلق على نفسه اسم "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام" ومن ممارساته. ونؤكّد في نفس الوقت رفضنا المطلق والمبدئي لتحالف الشر العالمي، الذي باتت تقوده أمريكا، والذي باتت تقصف باسمه العراق وسوريا.

وعليه فإننا نؤكّد ما يلي:
1. "الخلافة" من الناحية اللُّغوية تعني الإنابة، والخليفة – شرعاً – هو نائب عن الأمة الإسلامية، ووكيل عنها من خلال البيعة التي منحتها له. والنهج النبوي القويم وهَدْي السلف بتنصيب الخليفة هو بأن تمنحها الأمة للخليفة من خلال بيعة ممثلةٍ بأهل الحل والعقد وأولي الأمر؛ وهم العلماءُ والأكْفاءُ الثقاتُ. ومن هنا فإن مجرد أمر إعلان جماعة للخلافة ليس كافياً لإقامة الخليفة، وهو أمر مخالف لهذه الحقيقة الشرعية.

2. إن اختيار الخليفة في عصر الخلافة الراشدة قد جرى وفق الشورى. لذلك فإن إعلان فصيل معيّن – مهما كان – للخلافة يعتبر مخالفاً للسنة النبويّة وهدي السّلف؛ لغياب مبدأ الشورى المعبّر عن إرادة الأمة.

3. (لا يمكن قبول إبطال شرعية جميع التنظيمات الإسلامية على الساحة العالمية لمجرد إعلان من طرف واحد لما أطلقوا عليه الخلافة والخليفة ووسط غيابٍ كامل للأمّة... إن مثل هذه الأمور تفتح باب الفوضى أمام تنظيمات، أو حتى دول أن تنصِّب نفسها على أمر إسلامي جَللٍ كالخلافة الإسلامية، من غير إعداد ولا ترتيب ولا تنسيق، ولا مشروع واحد، ومن ثم يَفقد مفهومُ الخلافة الإسلامية جلالـَه بين الناس، وهو خطر عظيم، لا يخدم سوى مخططات أعداء الأمة الإسلامية) (1). 

4. إن الوقوف الراشد المتدبر لفقه الواقع كشف لنا أن الإعلان عن قيام خلافة في العراق وسوريا في مثل هذه الظروف لا يصب في صالح العراق وسوريا، بل بات يُتَّخذُ ذريعة لتقسيمهما، وإلحاق الأذى والضرر بالناس فيهما، فضلاً عن أن الذين أعلنوا عن هذه الخلافة لم يستشيروا أبناء العراق وسوريا ولا أهل الحل والعقد فيهما، وهم قاعدة البيعة ومحل انعقادها، وبات هذا الإعلان أشبه بالانقضاض على ثورة الشعب العراقي وثورة الشعب السوري، اللتين نرجو لهما الانتصار على طواغيت العراق وسوريا ومن يساندهم من عرب وإيرانيين وغربيين وصهيونيين ووثنيين وسائر من يدور في فلكهم. 

5. إن مرجعيتنا شرعُ الله تعالى، دون تعصب لأفراد وجماعات. وشرع الله تعالى هو حَكَمُنا على الأفراد والجماعات، وليست المظاهر البراقة. لذا فإننا ننكر على من أطلقوا على أنفسهم (تنظيم الدولة) تكفيرَهم أهل بلاد الشام جملة، وتكفيرهم لبعض الألوية المجاهدة في العراق والشام، وتكفيرهم لكل من يعمل في المنظمات المدنية جملة، وننكر عليهم تفسيقهم وتضليلهم لبعض الجبهات المجاهدة في العراق والشام، وننكر عليهم تجرّؤَهم على سفك الدم الحرام، وننكر عليهم استباحتهم لاختطاف مَنْ سواهم جملة من علماء وثوار ومجاهدين وإعلاميين، واستباحتهم التعذيب الفظيع بالكثير من المخطوفين، وننكر عليهم استباحتهم مستودعات الألوية المجاهدة وهيئات الإغاثة. ومن رغب في الوقوف على الأدلة على ما قلناه فننصحه بمراجعة فتوى علماء حلب الصادرة بتاريخ 2013/7.

6. ننكر على من أطلقوا على أنفسهم (تنظيم الدولة) "رفضهم التحاكم للجهات الشرعية المختصة في التنازع أو الخلاف، إلا ما كان خاضعاً لسلطة "دولة العراق والشام" وتابعاً لقراراتها" (2)، وننكر عليهم تعمّدهم المواجهة والصدام مع مختلف الفصائل المجاهدة في العراق وسوريا، وننكر عليهم غدرهم بمن منحوهم الأمان من رسل وثوار وقتل كثير منهم، وننكر عليهم ادعاءَهم أنهم هم وحدهم على المنهج الحق، وأن غيرهم إما أن يكون كافراً أو مبتدعاً أو ضالاً أو عميلاً أو خائناً أو مستباح الدم، وننكر عليهم سعيهم نحو السيطرة على المفاصل الاقتصادية والاستراتيجية في المناطق المحررة بعد سلبها من المجاهدين. ومن رغب في الوقوف على تفصيل هذه الفقرة فننصحه بمراجعة فتوى المجلس الإسلامي السوري. 

7. إن الخلافة الراشدة كانت خلافة وحدة ورحمة ونعمة للعالمين، لا خلافة نقمة وفتنة وتمزيق وعذاب. وإن الخلافة الراشدة كانت قائمة على تحقيق المعاني والمقاصد والأعمال وليس على الشعارات والبيانات. وإن "خلافة" تأتينا بالإكراه وتخاطبنا بالإكراه ، لن تكون – فيما لو كانت – إلا نذير شؤم ومصدر شر لهذه الأمّة، بغضّ النظر عمَّن يَدّعيها من أفراد وتنظيمات.

8. لكل ذلك نقول لمن أطلقوا على أنفسهم "تنظيم الدولة": انصحوا لأنفسكم بالتوبة إلى الله من الظلم، وانصحوا لأتباعكم بتعظيم دماء الأهل وأموالهم وأعراضهم في العراق وسوريا، وعظوهم وخوِّفوهم من تكفير المسلمين، وانصحوا لعوام الأهل في العراق وسوريا وارحموهم وأذيقوهم رحمة الإسلام، بعد أن ذاقوا الويلات من الطواغيت وزبانيتهم، وانصحوا لحكم الله بقبول النزول له ولو كانت نتائجه عليكم لا لكم، وانصحوا للإسلام ولا تشوّهوه بخطف أو قتل أو نهب يقوم على هواكم لا على شرع الله تعالى الحنيف، وحذارِ من دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب، وتذكروا قول الله تعالى: {واتَّقوا فِتنةً لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصَّةً واعلمُوا أنَّ الله شديدُ العقاب}، ولا يغرنكم من قال لكم إنّكم أهلُ الشوكة والغلبة التي لا تتم مقاصد الإمامة إلا بها، فهذا يحتاج إلى موافقة جمهور أهل الحل والعقد، الذين تجتمع عليهم كلمة جمهور المسلمين، مستشارين مُخيَّرين لا مكرهين. 

9. ثم نعود ونؤكّد رفضنا المطلق والمبدئي لتحالف الشر العالمي الذي تقوده أمريكا، فهو تحالف (صليبي – صهيوني – باطني – رجعي) أوقع الويلات على الأمة المسلمة والعالم العربي في الماضي القريب، ولا يزال يمعن في تدمير العراق وسوريا ويطمع في إشعال الفتنة، وفرض مزيد من التقسيم والفرقة والعداوة على مسيرة الأمة المسلمة والعالم العربي، وقتل الضحايا بالآلاف، وإهدار الأموال بالمليارات، ونشر الخراب، والإصرار على تفتيت وتقسيم جديد لخارطة العالم الإسلامي والعربي حسب خطط شياطين السياسة الكبار. 

10. إلى جانب ذلك فإننا نؤكد أن الخلافة الإسلامية قادمة، وهي على الأبواب، وهي بشرى رسول الله ، وستكون على (منهاج النبوة) "وستملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجورا"، وستكون عاصمتها القدس المباركة، وإن غداً لناظره قريب.

{ والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون }

الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني
الجمعة 14 محرم 1436هـ
وفق 2014/11/7
---------------
(1): بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (2014/9).
(2) : فتوى المجلس الإسلامي السوري بشأن "داعش".


للمراجعة الإعلامية : يرجى الاتصال بالمحامي زاهي نجيدات الناطق الرسمي باسم الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني على خليوي رقم : 0546889235 أو بالأستاذ توفيق محمد المنسق الإعلامي للحركة الإسلامية على خليوي رقم 0505627836

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]