تعليقًا على الأزمة التي يمرُ فيها الاقتصاد الأمريكي، وما يعيشه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، من قلق بشأن الأزمة السياسية التي شلّت الولايات المتحدة، وتهددها حافة الهاوية المالية.

كان لنا هذا الحديث مع الباحث امطانس شحادة: خبير في الاقتصاد السياسي، وقال معقبًا على السؤال: الأزمة الأمريكية - الاقتصادية السياسية الأمريكية إلى أين قال: واضح أنّ الحالة الأمريكية التي تحدث اليوم عبارة عن أزمة حقيقية خطيرة، وتُشارف الدولة على الإصابة بالشلل بسبب ديونها المتراكمة، في ظل الإصرار مِن الحزب الجمهوري بعدم التنازُل بتاتًا عن قناعته بعدم تحول الدولة الأمريكية إلى (أكثر اجتماعية).
هذه الأزمة التي أدت إلى إرسال 700 ألف موظف في إجازة غير مدفوعة الأجر، وأغلاق الحدائق العامة ومواقع الالكترونية ومرافق سياحية، لم تؤثِر ولم تمنع الحزب الجمهوري مِن تنفيذ سياسته، ولن تؤثِر تصريحات أوباما في سياسة الجمهوريين حتى لو أكدّ أنّ الأزمة الحالية ستؤثِر في عمق الاقتصاد الأمريكي، ويُصر أوباما مِن جهته بعدم التفاوض مع "الاتجاهات المتطرفة في أيِ حزب"، وهذا مِن شأنه أن يزيد الوضع تعقيدًا.

صراع اقتصادي مستعر

ومن جهته يرى الباحث امطانس شحادة أنّ الأزمة هي سياسية في الأساس، وصراع بين الحزب الجمهوري والديمقراطي، وكلٌ يحارب على صورة أمريكا القادمة، كما يراه الحزب المُتنازِع، فالحزب الجمهوري يريد الحفاظ على الإرث الأمريكي وعمليًا هو يريد أن تكون الدولة محايدة اقتصاديًا، وفي الحقوق الفردية والنظام الاقتصادي الليبرالي، بينما يسعى الرئيس باراك أوباما إلى فرض التأمين الصحي (وهو سبب الإشكالية الكبيرة والنزاع السياسي)، من منطلق أنّ على الدولة أن تكون أكثر اجتماعية، وذات حساسية واهتمام بالمواطنين الضعفاء أكثر من قبل، وهذه المطالب يرفضها الحزب الجمهوري، ويحارب مِن أجل إفشالها، وهذا هو الغطاء الخارجي الذي يمنع إقرار الميزانية للدولة، وأن يتم تغطية المصاريف الاجتماعية فهي أمرٌ مرفوض بالنسبة للجمهوريين، الأمر الذي ولّد نزاعًا ومحاولات "لكسر عظام"، بين الفكر الذي يريد أوباما فرضه من خلال رعاية المواطنين، وبين الفكر الآخر الذي سارت عليه الدولة طوال الفترات السابقة، أنه ليس من المقبول التدخل في الأمور الحياتية وقوى السوق.

الحرب بين الجمهوريين والديمقراطيين

ويشير الباحث شحادة أنّ هناك جمهور مؤيد للطرفين، بعضه مقتنع بما يريده الجمهوريون، والآخرون وهم طبقة الفقراء والضعفاء والمهاجرين السود يريدون الاستفادة من دعم اوباما لهم.
ولأنّ أنصار أوباما أقلية في الكونغرس، فإنّ الاقتصاد الأمريكي والعالمي مُهدد بالانهيار، ولإسرائيل حصة فيه، فهي مِن أكثر الدول التي تحصل على الرعاية والدعم الاقتصادي الأمريكي، وقطع الدعم يجعل الحكومة الإسرائيلية تتخلى عن التلويح بالحل العسكري، فالمساعدات العسكرية الخارجية متوقفة حاليًا، والمؤسسات الأمريكية معطلة، ولا يوجد مراقبة على ما يجري في العالم، لا رقابة على إيران، ولا موظفين يراقبون بدقة ما يجري في سوريا، لكنّ ميزانية الجيش تُدفع طوال الوقت، دون مسّ أو تعطيل، للأهمية.

قد تنخفض شعبية اوباما بصورة ملموسة

ويؤكد الباحث شحادة أنّ الطرفين الأمريكيين خاسرين في النهاية، وأنّ السياسة الأمريكية تُنبى الاقتصاد، فإذا ساءت الأحوال الاقتصادية خسر المرشّح تأييده وشعبيته.
ونتيجة لهذا التدهور الاقتصادي قد يفقد الرئيس الأمريكي القدرة على الحكم، ويظهر بمظهر الرئيس الضعيف الذي لا يؤدي دوره كما يجب، هذه الأزمة مِن شأنها أن تؤِثر على رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بصورةٍ بارزة وخطيرة، علمًا أنّ أزمة سابقة مشابهة حصلت في العام 1995، في بداية حكم الرئيس الأمريكي الاسبق كلينتون، يومها حاول ايضًا إحداث تغيير كبير في الاقتصاد الأمريكي، على شاكلة اوباما، وقد نجح في حينه حين استعان بثغرة في القانون الأمريكي تسمح باستعمال أموال تأمين "التقاعد"، لسد مصاريف الحكومة، ولأنّ الأزمة لم تأخذ وقتًا طويلاً، وكان لكلينتون وقتها شعبية كبيرة، لكن الحال اليوم مُختلف، فالأزمة السياسية الاقتصادية الحالية ستضر بشعبية أوباما ومكانته في الولايات المتحدة وفي العالم أيضًا. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]