ليلة أمس، قدم عدي خليفة، عرضه المنتظر "شوف تا أقولك" الذي نظمه مركز "المنارة" لذوي الاحتياجات الخاصة، وتضمن، فقرة ستاندأب لعدي بالإضافة لعدد من الفقرات الأخرى منها فقرة غنائية مميزة قدمتها فرقة "دام" للراب العربي وفقرة لعازف العود جورج قندلفت الذي أبدع بتدريبه للموهوب محمد حسن وهو شاب مبتور اليدين قدم للجمهور المحتشد في قاعة مدرسة "مار يوسف"، عزفًا على العود بواسطة أصابع قدميه، وأذهلهم، بالإضافة إلى فقرات أخرى لا تقل تميزًا وإبداعًا..
العرض بمجمله كان رائعًا ومؤثرًا، حيث صفق الجمهور الذي فاق عدده الـ1200 شخصًا، أكثر من مرة وأظهر بعضهم تأثرًا واضحًا خلال بعض الفقرات التي قدمها ذوو الإحتياجات الخاصة ليعرضوا تفاصيل حياتهم وصعوباتها في مجتمع يعتاش، بغالبيته، على الصور النمطية، كمجتمعنا...
لكنني هنا، لن أكتب عن كل فقرة بالتفصيل ولن أتحدث عن مدى الإبداع وقوة الحضور الذي وصل إليه خليفة ليلة أمس، فهذا كله، لا بد وأن تصادفوه في مختلف وسائل الإعلام التي رافقت العرض وقامت بتغطيته...
هنا، سأكتب عمّا أزعجني خلال الفقرة الأخيرة من العرض..
الفقرة الأخيرة في "شوف تا أقولك" عرضت مشهدًا داخل الميترو (قطار الأنفاق) الذي قام ببطولته محمود مرة، خالد ماير وصبحي حصري رفقة عدد من المكفوفين (المصابون بإعاقة بصرية) الذين قرروا الجلوس داخل "ميترو" أمامنا ليقفوا بمواجهة معنا، نحن الذين نرى ما نود رؤيته، ويعلموننا كم بإمكاننا أن نكون سطحيين...!
المشهد المذكور، بأبطاله الذين يقفون للمرة الأولى أمام هذا الجمهور الكبير، عرض بكل وضوح عددا من الأفكار النمطية والتعليقات التي لا يكف معظمنا عن عرضها أمامهم يوميًا خلال ممارستهم لحياتهم دون أن "ينظروا" إلى ترهاتنا المتقوقعة في اجترار ما ورثناه من أفكار متعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة المارين أمامنا في الشارع وفي كل مكان...
ما أن بدأ المشهد حتى فوجئت بما يقارب الـ 200 حاضرٍ في القاعة يتسحّبون تباعًا إلى خارجها، هؤلاء أنفسهم الذين حضروا لإظهار موقف "مشرف" وداعم لأصحاب الإعاقات والذين كانوا يصفقون أمام خفة ظل عدي وعلى ايقاعات أغنيات "دام"، تركوا أصحاب القضية الأساسيين عالقين داخل "ميترو" معبأ بأملهم أن تصل رسالتهم، وغادروا...
أكتب اليوم، وهنا، لهؤلاء الذين تطلّب اكتمال "بريستيجهم" أن يدفعوا ثمن تذكرة لدعم قضية إنسانية اجتماعية وقرروا أن يتسحبوا من القاعة في لحظة انطفاء الأضواء دون خجل، ربما لأن "البريستيج" لا يُمكن رؤيته دون إضاءة...!
أكتب هنا، فقط لأقول لكل القائمين على "شوف تا أقولك" أبدعتم بالفعل ومنحتمونا فرصة حقيقية لكي "نرى" ونشعر ونحاول، لمرة أن نتغيّر!
ولهؤلاء المتسحّبين في ظلمات القاعة، أقول وبكل وضوح: "طُز ببريستيجكم... لقد رأيناكم تتسحبون وخجلنا...!"
 

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك


 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]