سؤال:

عندي سؤال اذا سمحتِ. في أيامنا هذه تنكشف بناتنا على كمّ هائل من المعلومات والمواضيع, شئنا أم أبينا. أحيانا عند مشاهدتنا مسلسلات تلفزيونية يمكن أن يظهر مشهدا لقبلة أو مشاهد ساخنة. ألاحظ بأن ابنتي (11 سنة) تنزعج من المشهد وتدير وجهها عن التلفاز وتعقب حركتها هذا بأن تنظر باتجاهي معبرة عن انزعاجها. ماذا علي أن أفعل حينها؟
هل أتجاهل كما أفعل عادة بمثل تلك المواقف؟
هل أشرح لها بأنه أمر طبيعي بين الأزواج؟

نحن صديقتان ونتكلم معا بكل راحة ولكنني أشعر بأن هذه المرحلة من العمر هي مرحلة انتقالية تستدعي منا الوعي أكثر.

 

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك

أشكر لك ردك.

الجواب: 

يبدو لي بأنك تتمتعين بعلاقة إيجابية مع ابنتك وبإحساس يقظ يعي ما يحدث معها من تغيير. علاقتك الواعية تساعدك باختيار أسلوب التعامل التربوي المناسب لتطورها العاطفي. 

ماذا عن تلك المرحلة العمرية؟

هناك فروق فردية واضحة بسمات جيل المراهقة. بعضهم نلاحظ عليه التغيير المبكر والبعض الآخر يتأخر بسنة أو أكثر أحيانا. ما يميز مرحلة المراهقة الانتقالية الطبيعية هو التأجج العاطفي. يميل المراهق في تلك المرحلة للاهتمام بالقصص الرومانسية وأغاني الحب. ينشغل بجمع صور المشاهير من العشاق ويقوم بتعليقها على حائط غرفته. يهتم كثيرا بقصص العشق والإخلاص بالحب والتضحية لأجل الحبيب. يتمنى المراهق أن يقع بحالة عشق حقيقية ليمارس التجربة الواقعية. هو يهتم كثيرا بتقصي قصص أصدقائه العشاق ويتلذذ بالاصغاء لمغامراتهم الرومانسية المثيرة لاهتمامه. يأخذ الرومانس حيزا كبيرا في حياته اليومية. 

لماذا التظاهر بسلوك عدم الاكتراث والتجاهل؟

تظاهر البنت أمام الكبار في تلك المرحلة بأنها بعيدة كل البعد عن السلوك الرومانسي هو كي تحافظ أو كي تخفي ما تمر به من اضطرابات عاطفية حرجة. الحرج مما يجري معها أو مع صديقاتها يدفعها للتكتم ولعدم البوح بميلها الطبيعي في مجتمع لا يسمح لها بحرية التعبير فتتظاهر بعدم الاكتراث والتجاهل. إبنتك تعيش تلك المرحلة. سلوكها العفوي هذا يعني اختبار موقفك وشعورك مما تشاهدان معا. بلفتتها التلقائية نحوك والتي تعبر من خلالها عن انزعاج كأنها تحتاج لأن تسألك رأيك لاستيضاح موقفك العاطفي مما يجري بين العاشقين بمعنى: هل ترفضين ذلك التصرف؟ 

هل كل البنات تتصرفن هكذا؟

أثناء تطور البنت الاجتماعي اليومي هي تتلقى إشارات لقيم وبادئ ذلك المجتمع الذي تعيش فيه. يرسل لها مجتمعها إشارات تعني لها مثلا، بأن أي سلوك فيه ميل للجنس فهو مرفوض وغير مقبول في محيطها. إبنتك هنا لم تختبر بعد موقفك من تلك الإشارات التي تلقتها حتى اليوم ولم تتأكد بعد من رأيك الخاص. هي ما زالت تحتاج منك لموقف واضح يثبت لها صحة إشارات مجتمعها الرافض لذلك السلوك. تصرفها هذا حيال المشهد يعني حاجتها تأكيد رأيك وموقفك. 

هل يمكن فرض موقف أو رأي على الأهل؟

بالطبع لا. لأنه ولكل بيت مسؤوليته الفردية الخاصة بمبادئه وقيمه. يمكن إبداء الرأي ولكن لا لفرضه أو التدخل بقيمه الاجتماعية الخاصة بالتربية الجنسية التي يؤمن بها. الوالدان هما المربيان وهما اللذان يبعثان برسائلهما. 

كثيرات هن الأمهات اللواتي تبعثن بإشارات لبناتهن تعني بأن البرود الجنسي قبل الزواج هو قيمة أخلاقية عليا بمجتمعهن. بأن مشهد القبلة بالنسبة للبنت قبل الزواج هو سلوك منفر يلزم إدارة وجهها عنه والتقزز منه. تلك هي الأم ذاتها والتي تربي تلك الابنة ذاتها بأنه يلزم تأججها الجنسي في الفراش مع زوجها. رسائل تعني تناقضا وإزدواجية بالطبيعة البشرية وبالمشاعر الأنثوية.

هل من أسلوب تربوي حديث في مثل تلك الظروف؟

نعم. التطور التكنولوجي يفرض على الأهل التغيير الإيجابي من غير المس بقيم العائلة ومبادئها الفردية. المسلسلات، الأفلام و... كشفت للمراهق حاجات عاطفية ودخلت على البيوت من غير موافقة الأهل أو استشارتهم . الجمود التربوي من غير الأخذ بعين الاعتبار ما يجري مع المراهق هو جهل. التمسك بعدم التغيير بالتعامل يضر بعلاقة الطرفين. إنتهاز الفرصة بأية مناسبة واقعية تحدث بالحارة أو بالعائلة مثلا، أثناء عرض مشهد بمسلسل أو خبر مثير ... لفرض حضورك الحقيقي والصادق أسلوب تربوي صادق وضروري. 

مداخلة حيادية وتعليق على ... من غير اصطفاف مع طرف أو ضده. الهدف هو إثارة المراهق للتعبير عن رأيه ومشاعره. من المهم إصغاء الأهل ولا للمقاطعة أو الوعظ البارد. نعم لحب معرفة المراهق الحقيقية ونعم لتفهم مشاعره ومواقفه نحو ذلك الموضوع. من المهم عدم اللجوء لأسلوب، التصحيح، التوبيخ أو التحقيق ونعم للسماح له بالتعبير الحر. أسلوب كهذا يكشف للأهل عن طرق تفكير المراهق ومشاعره نحو الموضوع. 

من المهم عدم الوقوع في فخ الوعظ والمحاضرة. 

وأخيرا يستحسن أن يعرف الأهل بأنهم نموذج المراهق العاطفي وبأن سلوكهم اليومي وطرق تفكيرهم هي بالحقيقة الواعظ والمربي. قيم الأهل ومبادئهم التي يؤمنون بها تظهر للمراهق أثناء تعامله أهله مع الآخر وفي البيت. المهم احترام ذات المراهق الفردية ولا للتطرف لإثبات صحة موقف أو قيم.

----------------------------------------------------------

إنضموا الى صفحتي على الفيسبوك "الهام دويري تابري"
عنوان موقعي الاكتروني: www.darelham.com
عنوان بريدي الإلكتروني: [email protected]
لتعيين موعد زيارة للاستشارة التربوية الفردية، الاتصال على رقم هاتف: 6014425-04

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]